יום שישי, 19 באוקטובר 2012


مادة الهجرة الصهيونية الثانية (1904-1914) للبجروت
د.اشرف ابو زرقة

اسباب وعوامل الهجرة

يرى معظم الباحثين بان هذه الهجرة بدأت تحديدا في عام 1904 وذالك لانه في هذا العام ازدادت المذابح والمجازر الدموية ضد اليهود من قبل الروس . ففي هذا العام تحديدا خسرت روسيا الحرب التي خاضتها ضد اليابان تلك الدولة الاسيوية التي كانت تعتبر دولة ضعيفة عند الكثير من القادة العسكريين في العالم الغربي . كان من السهل في هذه الحالة ان توجه اصبع الاتهام نحو اليهود وان يتم اتهامهم بانهم السبب في الخسارة في الحرب وانهم بمثابة الطابور الخامس الذي يسعى دائما من اجل اذلال وواضعاف روسيا , وذلك بسبب اختلافهم عن الروس في الدين وفي العادات والتقاليد .نتج عن هذا الاتهام , قيام مذابح واضطرابات دموية ضد اليهود مما جعل الكثير منهم يختار الهجرة الى فلسطين كحل لمشاكلهم وكهروب من المواجهة. كما اننا لا نستطيع ان ننسى ان الاضطرابات الدموية التي بدات في كيشينيف في عام 1903 لم نتنتهي بعد وان كثير من اليهود امن بان السلطات الروسية لا تريد لليهود بان يعيشوا امنين في نطاق سكنهم . الانكى من كل هذا بان السلطات الروسية قد اكتشفت العديد من الحركات السرية اليهودية التي كانت تدافع عن اليهود , مما جعل هذه السلطات تزيد العمليات الانتقامية الجماعية ضد اليهود . نرى ان بعض هذه الاسباب للهجرة مشابهة لاسباب الهجرة الاولى  وخاصة كل ما يخص هروب اليهود من المجازر والاضطرابات الدموية , الا ان الهجرة الثانية تتميز بتشديدها على المبادئ القومية وطموحها من اجل اقامة مجتمع يهودي مبني على العدل والاشتراكية . فالكثير من المهاجرين قدموا الى فلسطين أحتجاجا على قرار مشروع اوغندة .فهم لا يريدون الا فلسطين موطنا لهم وليست اوغندة الافريقية . كما انهم امنوا باقامة مجتمع مثالي في فلسطين تتحقق به اسس العدالة الاجتماعية والقومية المفقودة في مناطق سكناهم في روسيا . وفي هذا الخصوص لعب نداء يوسف فتكين , ذالك المستوطن الذي قدم الى البلاد في الهجرة الاولى , دورا هاما في تحفيز المهاجرين للهجرة الى فلسطين .
مميزات المهاجرين في الهجرة الثانية

تميز ابناء الهجرة الثانية بانهم كانوا من الشبيبة والشباب العزاب الروس الفقراء . هذه الفئة العمرية الشابة تميزت بالحماس الشديد والتطلع الثوري للاصلاح والتجديد . امنوا بضرورة  ازالة ملامح الذل والهوان التي كانت في روسيا وتطلعوا الى اقامة مجتمع مثالى في فلسطين يجدد القومية اليهودية ويبعد غبار الماضي الذليل الذي لمسوه في مناطق نطاق السكن في روسيا . مفكرين صهيونين اثنين ساهما في بلورة بلورة هذا الفكر الشبابي الحماسي :  دافيد غوردون(1865-1922) , ذالك المفكر الذي امن ان العمل الجسماني بالارض شرط اساسي لعودة اليهود واقامة دولتهم , وجعل العمل مبدأ وشعارا للعمل العبري. اما المفكر الثاني فكان حاييم برنر (1881-1921) , ذلك المفكر الذي لقب بمعلم الجيل والذي كتب العديد من الكتابات التي شجعت اليهود على العمل بالارض والابتعاد عن البطالة ونمط الحياة الاوروبي التجاري .

 مصاعب الهجرة الثانية

1.الصراع من اجل احتلال العمل العبري
في مثل هذه الظروف الصعبة حاول هؤلاء المهاجرون بان يبدءوا حياتهم الجديدة في فلسطين الا ان جمة من الصعاب والمشاكل اعترضتهم . من ابرز هذه المشاكل , كانت مشكلة وجود العمل في المستوطنات اليهودية التي قد اقيمت خلال الهجرة الاولى (راشون لتسيون , زخرون , الخضيرة , بتح تكفا).ففي هذه المستوطنات اعتاد اليهود على تشغيل العمال العرب الذين يمتازون بقوة جسمانية مناسبة ويملكون الخبرة الزراعية ويأخذون مبلغ زهيد من المال , وهذا ما لم يتوفر عند المهاجرين الجدد . زد على ذلك ,  ان القادمين الجدد تميزوا بالعلمانية (البعد عن الدين وعدم اقامة الفرائض الدينية) والفكر الثوري الغير المحافظ , الذي فهم كتهديد لنمط حياة المستوطنين القدامى ولهذا تم رفض تشغيلهم . في مثل هذه الظروف حاول القادمين الجدد من خلال صراعهم من اجل احتلال العمل العبري , بالبحث عن فرص للعمل واقناع اليهود على تشغيلهم من خلال تعلم الزراعة . كما قام الكثير منهم بالانتقال الى الجليل للعمل في مستوطناتها تحت الشعار "الى الجليل" .
2.مشاكل الأمن وتأسيس فرق الحراسة
بالاضافة الى مشاكل العمل , واجه القادمون الجدد , مشاكل تتعلق بالامن . فقد عانى الكثير من المستوطنين من الغارات واعمال السطو على ممتلكاتهم من قبل قطاع الطرق والعصابات .  ومن اجل الحفاظ على حياتهم وممتلكاتهم تم تأسيس اول فرقة للحراسة تسمى "بار غيورا"(هناك من يقول بان هذه الحركة سعت منذ البداية محاربة الدولة العثمانية من اجل اقامة دولة لليهود بفلسطين) .ثم تاسيس منظمة "هشومير هتسعير" في عام 1909, لتقوم بحراسة المستوطنات .
تاسيس فرق الحراسة ادى الى ازدياد المشاكل مع العرب والشراكسة بسبب ان الكثير منهم كان يعمل بحراسة المستوطنات قبل تشكيل هذه الفرق وبهذا فقدوا اماكن عملهم وتم تبديلهم بعمال يهود .لهذا يطلق على هذا الصراع بين الحراس العرب والحراس اليهود باسم "احتلال الحراسة".

انجازات الهجرة الثانية 
1.تبديل العمال العرب بعمال يهود  من خلال احتلال العمل العبري
2.تأسيس فرق الحراسة : بار غيورا " وهشومير هتشعير 
3.تاسيس الاحزاب العمالية
اسباب تاسيس هذه الاحزاب
مع ازدياد الهجرة اليهود ومع تفاقم المشاكل العمالية والاقتصادية عند العمال اليهود , كان لا بد من تاسيس احزاب عمالية تسعى لتحسين ظروف ومكانة العمال اليهود بفلسطين وخاصة كل ما يتعلق باجورهم وشروط عملهم وعلاقتهم مع مشغليهم وحل مشاكل البطالة وتوفير فرص عمل جديدة لهم .
كما لا نستطيع ان ننكر ان هذه الاحزاب رفعت شعارات سياسية وقومية واجتماعية وخصوصا رغبتها باقامة مجتمع يهودي مبني على العدالة والاشتراكية .
"حزب بوعلي  تسيون"
يسمى بالعربية حزب عمال صهيون وهو كان فرع لحزب عمالي يهودي تشكل في اوروبا . هذا الحزب كان يسعى الى اقامة مجتمع اشتراكي ويسعى من اجل الحصول على استقلال ذاتي لليهود في فلسطين ويرى ان اقامة مجتمع يهودي يؤدي الى تشكيل طبقات اجتماعية  مختلفة . يرى ان الفجوات الاقتصادية بين هذه الطبقات ستؤدي الى حرب الطبقات التي هي ضرورية من اجل اقامة دولة يهودية في البلاد .من المفكرين الذين اثروا على فكر هذا الحزب كان المفكر اليهودي الاشتراكي دوف بوروخوف(1881-1917) . والمفكر والنشيط السياسي اليهودي نحمان سيركين ((1868-1924).
هبوعيل هتسعير
يتميز حزب هبوعيل هتسعير بانه كان حزب محليا منذ البداية . فهذا الحزب تشكل في البلاد وسعى منذ البداية الى حماية حقوق العمال اليهود في فلسطين . امن ان الطريق الاساسي لتحرير البلاد واقامة الدولة اليهودية يتمثل بتجديد العمل العبري وخاصة العمل الجسماني في الارض,ذالك الشعار الذي رفعه المفكر الصهيوني غوردون .  بهذا راوا بالعمل كمبدأ ايديولوجي وليس فقط كمصدر للرزق .


4.تأسيس المكتب الفلسطيني
امام هذه الصعاب والمشاكل التي لاقها اليهود في البلد تم تاسيس المكتب الفلسطيني في عام 1908 بواسطة د.ارثور روبين (1876-1943) , ذالك المفكر الجامعي الذي الف العديد من المقالات والكتب التي تخص المشاكل اليهودية في العالم .عند وصوله الى فلسطين وفي يافا بالتحديد ايقن روبين ان نجاح الحركة الصهيونية والاستيطان اليهودي في البلاد مشروط بتنسيق اعمال المستوطنين مع سياسة الوكالة الصهيونية , فسعى الى التنسيق بين الحركة الصهيونية بالخارج وبين المستوطنات في البلاد . سعى الى تطوير المستوطنات وتوسيعها والتواصل بينها ومساعدة العمال اليهود في سبيل انجاح المشروع الصهيوني . كما انه اقام واحات و مزراع قومية للزراعة واقام العديد من الاحياء والحارات الجديدة .كان له دور في مساعدة المهاجرين اليهود اليمنيين وساهم في اقامة مركز لتعليم الفنون يسمى بتصلال .لهذا لقبه البعض باسم ابي الاستيطان اليهودي.
5.احياء الثقافة العبرية
في فترة الهجرة الثانية تم احياء اللغة العبرية.ففي هذه الفترة تم الكتابة باللغة العبرية بمجالات ادبية وسياسية متنوعة . ولكن اهم شيء كان هو انها اصبحت لغة حية ومحكية وذالك بفضل اليعزر بن يهودا (1858-1922) الذي كان من اوائل الاشخاص الذين حرصوا على التحدث فقط باللغة العبرية والذي ساهم باضافة العديد من الكلمات العبرية الجديدة لتناسب العصرالحديث .
في هذه الفترة تم اقرار اللغة العبرية كلغة رسمية للتعليم بالمدارس اليهودية بدل اللغات الاوروبية وذالك بعد "نزاع اللغات " .هذا النزاع انبثق بمعهد التخنيون بين انصار التعليم باللغة الالمانية وبين انصار التعليم باللغة العبرية . بالنهاية تم الاعتراف باللغة العبرية كلغة مناسبة للتعليم بالمدارس والمعاهد.
6."تاسيس مدينة تل ابيب"
من اهم انجازات الهجرة الثانية هو تاسيس مدينة تل ابيب .وجدت جمعية احوزات بيت للاسكان اليهودي في يافا بان حل ضائقة السكان اليهود في يافا تتمثل باقامة حي سكني جديد .بالفعل تم بناء هذا الحي ليطلق عليه بالنهاية اسم تل ابيب , لتكون اول مدينة عبرية مبنية وفق الطراز الاوروبي .

اسئلة بجروت عن الهجرة اليهودية الثانية إلى فلسطين:
1.    هدفت "الهجرة الثانية" إلى تحقيق احتلال العمل العبري والحراسة العبرية في
فلسطين.
أ- اشرح اثنين من أسباب الهجرة الثانية.
ب- إلى أي مدى نجحت الهجرة الثانية في تحقيق هدفيها المذكورين أعلاه؟ وضح مشيرا إلى العقبات التي واجهتها في تحقيق ذلك.
2.    الهجرة اليهودية الثانية 
أاشرح خلفية الهجرة الثانية مبينا الأفكار التي حملها أبنائها.
ب- بين إنجازات قام بها أبناء هذه الهجرة بالنسبة للمشروع الصهيوني في فلسطين.

3.    كان تحقيق احتلال العمل العبري والحراسة العبرية من الأهداف التي تطلعت إلى الهجرة الصهيونية الثانية1903-1914.
أ- اشرح سببين للهجرة الصهيونية الثانية
بالى أي مدى نجحت الهجرة الصهيونية الثانية في تحقيق احتلال العمل العبري والحراسة العبرية؟ اشرح مشيرا إلى العقبات التي واجهتها في تحقيق كل منهما.

ملخص مادة الهجرة الاولى للبجروت
د.اشرف ابو زرقة
مدرسة عرعرة الثانوية للعلوم والتكنولوجيا
الهجرة هي احدى الحلول التي يقوم الشخص بطرحها في الكثير من الحالات عند وجود الضائقات الاقتصادية والاجتماعية . واحيانا تحمل الهجرة ابعادا مثالية وسياسية وحتى دينية (كما حدث في هجرة قوم بني اسرائيل من مصر وكما حدث في هجرة المسلمين الى الحبشة والمدينة المنورة ).
اما عندما نتحدث عن الهجرة الاولى اليهودية فاننا نقصد تلك الهجرة اليهودية الواسعة التي حدثت في اواخر القرن التاسع عشر .هذه الهجرة حدثت من من جميع ارجاء المعمورة الى الاراضي الفلسطينية التي كانت قابعة تحت السلطة العثمانية . يهمنا في موضوعنا هذا , الهجرة اليهودية التي حدثت من اوروبا وبالتحديد من مناطق شرق اوروبا وخصوصا روسيا وذالك بالرغم من قدوم العديد من المهاجرين من الدول الاسلامية كاليمن , والذين فضلوا الاستيطان في المدن اليهودية التي يعتبرونها مقدسة(القدس, الخليل, طبرية ,صفد)  .
اسباب الهجرة الاولى
هناك العديد من الاسباب المتشابهة لكل هجرة في العالم .من بين هذه الاسباب المشتركة , الاضطهاد واعمال العنف والعدوان والتخريب التي كانت ضد اليهود في اوروبا .كان من بين  مظاهر هذه الاعمال اللاسامية , عمليات القتل المنظمة بحق اليهود في منطقة اوكرانيا وعواصف النقب في عام 1881 وقوانين ايار العنصرية في عام 1882.
كما اننا لا نستطيع ان نتجاهل العامل الايدولوجي والسياسي الذي لعب دورا مركزيا في العديد من الهجرات الجماعية .بهذا الخصوص رفع المهاجرون اليهود في هذه المرة شعارا جديدا وهو تجميع وتركيز اليهود في فلسطين باقامة مستوطنات زراعية تعيد لليهودي ماضيه وتاريخه وحتى احياء اعياده الزراعية واحياء تراثة القومي.

طبيعة المهاجرين اليهود الى فلسطين
تكون معظم اليهود الذين قدموا الى فلسطين في هذه الفترة, من اليهود البسطاء والفقراء والمحتاجين الذين ارادوا تحسين ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية . كما كان معظم هؤلاء اليهود من المحافظين على العادات والتقاليد اليهودية . كما قدم العديد من المهاجرين الى البلاد من اجل التعرف عليها وفحص امكانية معيشة اليهود فيها .كما رغبوا بالحصول عى موافقة السلطة العلية العثمانية(هكذا كانت الدولة تسمي نفسها) على استيطان اليهود بقرى خاصة لهم في الجليل وفي الساحل الفلسطيني وليس فقط بالمدن اليهودية التي يعتبرونها مقدسة كما تم ذكره اعلاه .
منظمة او جماعة البلوييم
من اهم جماعات المهاجرين التي قدمت الى البلاد كانت جماعة او فرقة البيلو التي هي عبارة اختصار لجملة من التوراة تقول ب"انه يجب على ابناء يعقوب وهم اليهود ان يمتثلوا لاوامر التوراة ويذهبوا .هنا تلمح هذه الجماعة بانه يجب عليهم ان يذهب الى فلسطين من اجل احياء الحياة والثقافة اليهودية . كان معظم هؤلاء البلوييم من الطلاب الجامعيين المثقفين الذين تنقلوا في ر وسيا من مكان لمكان حتى استقروا في مدينة اوديسا مطالبين بتنفيذ افكارهم الاشتراكية والقومية .امنت هذه الجماعة بالعديد من الافكار الطلائعية والتقدمية ورأت نفسها بانها تحمل شعار العدالة الاجتماعية والاشتراكية البعيدة عن استغلال الاغنياء للفقراء .كما انها امنت على ضرورة اعادة السيطرة العبرية اليهودية على موارد البلاد من اراضي وتبديل العمال العرب بعمال عبريين يهود .كما طالبت هذه الجماعة باحياء اللغة العبرية وجعهلها لغة حية ومتداولة في فلسطين . نتيجة لهذه الافكار زاد عدد هذه الجماعة من 20 شخص الى 500 شخص واصبحت جماعة البيلوييم رمزا للطلائعية والاشتراكية لليهود في البلاد.
مصاعب المهاجرين
من الطبيعي بان يواجه المهاجرون اليهود الى فلسطين العديد من المصاعب والمشاكل التي زادت معاناتهم الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين . فكل مهاجر يقدم الى بلاد جديدة , واجه مشكلة التأقلم مع المناخ المختلف , فمناخ فلسطين غير شبيه بمناخ روسيا الاوروبي .كما ان طبيعة السكان العرب والبدو تختلف عن طبيعة السكان الروس . كما ان وصول المهاجرين الى البلاد حتم عليهم العمل بالزراعة الامر الذي جهله معظمهم .كما انه عانوا من الامراض ومن تقييد على نشاطهم من قبل السلطات العلية العثمانية .
مستوطنات المهاجرين
الامر المميز لهذه الهجرة هو رغبة اليهود الجارفة في اقامة مستوطنات او قرى زراعية تحت مظلة الدولة العثمانية في فلسطين . نجح اليهود باقامة العديد من هذه المستوطنات في الساحل الفلسطيني وفي الجليل . ففي الساحل الفلسطيني استطاع المهاجرين اقامة ريشون لتسيون(جنوب مدينة يافا)  .كما تم تجديد مستوطنة بتح تكفا( الى الشرق من مدينة يافا)  .واقامت جماعة البلوييم مستوطنة سميت باسم جديرة(بالقرب من اسدود ). اما في مناطق الشمال والجليل فقد استطاع المهاجرون اقامة زخرون يعقوب(اقيمت بمنطقة التي دعاها العرب باسم زمارين) وروش بينا(اقيمت بمنطقة اراضي التي تم شرائها من قبل سكان قرية الجاعونة بالقرب من صفد) ويسود همعلا(التي اقيمت على ضفاف بحيرة الحولة)  .
حل ضائقة المستوطنات بالتوجه الى روتشيلد
عانى هؤلاء المهاجرون العديد من المصاعب والمشاكل التي كان يجب حلها . لم يجد هؤلاء المهاجرون حلا ملشاكلهم الا التوجه الى البارون ادموند روتشلد(1845-1934) , "اب المستوطنات" وراعيها , وحامي حمى اليهود بعصره . قام روتشيلد بوضع يده على امور المستوطنات بارسال المعونات المالية والتقنية , مثل تعليم اليهود اصول الزراعة من خلال المرشدين الزراعيين وتزويدهم بالبذور وكل ما يختص بالزراعة , مثل ادخال انواع جديدة بالزراعة . ولكنه من اجل تنفيذ هذه الامور قام بتأسيس "جهاز الموظفين" , ذالك الجهاز الذي اعد في البداية من الاشراف على اعمال الموظفين والمزراعين في اليهود , لينقلب بعد ذالك الى شكل من اشكال الاستبداد وطمس اماني المهاجرين اليهود . فهذا الجهاز الذي يعرف ايضا باسم "الوصاية" اهتم , قبل كل شيئ بالحفاظ على مصالح البارون ومصالح الموظفين الشخصين , وتدخل في كل كبيرة وصغيرة ولم يراعي امنيات ورغبات المهاجرين ان كانت اماني قومية او اماني اقتصادية واجتماعيىة .كما انه قام هؤلاء الموظفين بالتكبر على الفلاحين اليهود ومعاملتهم معاملة فيها الكثير من الازدراء والاحتقار لأصولهم الشرق اوروبية .ورأى هذا الجهاز هؤلاء اليهود كمن يعيشوا بفضل البارون ولهذا يجب عليهم تلبية الأوامر دون نقاش ودون الاخذ بالحسبان مطالبهم القومية والاجتماعية .
المهاجرون واقامة شركة بيكا
بعد هذه الصعوبات , راى روتشيلد الضرر الذي جلبه هذا الجهاز , لهذا توجه بداية الى شركة يكا اليهودية التي كان يديرها البارون هيرش .ويبدو ان روتشيلد ضاق ذرعا بعمل هذه الشركة حتى قام بتاسيس شركة بيكا خصيصا من اجل ادارة مشاريع روتشيلد الاستيطانية في فلسطين .
جمعية محبي صهيون
لا نستطيع التحدث عن مهاجرين الهجرة الاولى دون الحديث عن الجمعية التي اقامها محبو صهيون , هؤلاء الذين اسسوا حركة حبات صهيون واملوا في توطين فلسطين بالمهاجرين اليهود .عملت هذه الجمعية منذ البداية على شراء الاراضي وتجنيد الاموال اللازمة لدعم المشاريع الاستيطانية .كما عملت على اقناع اليهود الروس بالهجرة الى البلاد وخصوصا بعد المذابح التي كانت ضدهم . من ابرز ناشطي هذه الجمعية كان زئيف طيومكين الذي اشرف على تشجيع الهجرة واستيعاب المهاجرين في فلسطين حتى سمي باسم "رئيس اليهود". اما الناشط الثاني فكان يهوشوع خانكين , ذالك الشخص الذي اشترى وادي الحوارث (عمق حفر , ما بين الخضيرة ونتانيا وباقة الغربية) وهو الذي استطاع اتقان اللغة العربية والعادات العربية والاسلامية بهدف كسب ثقة العرب وشراء المزيد من الاراضي .
اهمية الهجرة الاولى
تعتبر الهجرة الاولى من اهم الهجرات التي كانت في القرن التاسع عشر لانه في هذه المرحلة استطاع اليهود لاول مرة , بعد وقت زمني كبير باقامة العديد من المستوطنات في ارجاء مختلفة من فلسطين .وبهذا عمل هؤلاء المهاجرون على بث الشعور القومي اليهود وبث روح الطلائعية والمغامرة وبعث الاسس الاجتماعية والاشتراكية في المستوطنات .
اسئلة بجروت عن الهجرة الاولى

1.الهجرة اليهودية الأولى الى فلسطين:

أ‌-اشرح كيف جرى تنظيم الهجرة الأولى .
ب‌-اذكر المصاعب التي واجهت أولئك المهاجرين.

ج- اشرح الأسلوب الذي عالج به المهاجرين إحدى تلك المصاعب.
2.الهجرة الاولى والبلوييم

أ- اشرح سببين للهجرة الصهيونية الأولى إلى فلسطين.

ب- من هم البيليوم ؟ وبماذا امتازوعن بقية المهاجرين؟ وضح.

ج- ما هو الدعم الذي قدمه البارون روتشيلد للمهاجرين؟ وضح مبيننا أهمية هذا الدعم لأبناء الهجرة الأولى.
3.البلوييم وصعوبات الهجرة الاولى
كانت فرق البيليوم من ابرز المشاركين في الهجرة الأولى.

أ- ما هي فرق البيليوم ؟ وضح.

ب- اشرح اثنين من أسباب الهجرة الأولى.

ج- بين اثنتين من الصعوبات التي واجهة أبناء الهجرة الأولى, ثم اشرح كيف حاولو التغلب على كل منهما.

ملخص مادة هرتسل والحركة الصهيونية السياسية  للبجروت
د.اشرف ابو زرقة


يعتبر هرتسل من ابرز الشخصيات اليهودية التي تزعمت التيار الصهيوني السياسي والذي لم يؤثر فقط على اليهود الا انه اثر ايضا على شكل العلاقات العربية –اليهودية في العالم وفي فلسطين,  بسبب اسهامه في بلورة الحركة الصهيونية ورغبته باقامة دولة يهودية تجمع يهود العالم .
ولد هرتسل لاسرة يهودية هنغارية في مدينة بودابست في عام 1860 .ويبدو ان اسرته كانت تتوق بان يكون ابنها في المستقبل من رجال الدين والحاخامات حتى انها بعثته ليتعلم فيما بالمدرسة الدينية التي تسمى "الحدر" وهي مدرسة اولية لتعليم مبادئ الديانة اليهودية (شبيهة بمؤسسة الكتّاب الاسلامية) .ويبدو ان الفكرة لم ترق لهرتسل ولا لاهله فيما بعد حتى انهم ارسلوه للدراسة في مدرسة علمية نظرية .في هذه المرحلة اثبت هرتسل جدارته في التعليم حتى انه نال شهادة  الدكتوراة في الحقوق وهو في جيل 24 سنة وهذه مدة قصيرة جدا. .وبسبب ظروف التمييز ضد اليهود في هذه الفترة في اوروبا لم يجد هرتسل عملا الا كمراسل صحفي ومؤلف لبعض المسرحيات والروايات .
يبدو ان عمله هذا جعله يهتم اكثر بقضية اليهود في العالم .كان في البداية من كبار المؤيدين للاندماج اليهودي وانصهار الشعب اليهودي في الثقافة والحضارة الاوروبية . لكن سرعان ما تبين لهرتسل بانه يعيش في سراب وخصوصا انه راى بعينه كيف يعاني اليهود بالعالم رغم انصهارهم داخل الشعوب الاوروبية . فها هو درايفوس الضابط اليهودي الشهير الذي خدم الجيش الفرنسي يحاكم بتهمة الخيانة العظمى ويتم اهانته في محفل رسمي وهو ينادي بالولاء والاخلاص لفرنسا . وها هو العالم يقف متفرجا امام  مظاهر العنصرية والكراهية تجاه اليهود في العالم . ايقن هرتسل كانسان واعي للقضية اليهودي انه يجب عليه العمل بشكل فوري ومباشر من اجل صالح اليهود وحل قضيتهم .


اعمال هرتسل نحو حل القضية اليهودية
أ.التوجه لزعماء اليهود الاثرياء
في مقدمة اعماله , كانت محاولة اقناع اكبر اثرياء اليهود في العالم وهم البارون هيرش وروتشيلد على حل للقضية اليهودية في العالم يضمن لليهود حقوقهم ويعيد اليهم كرامتهم . لم يستجب البارونان فقط لهرتسل الا انهما تهكما عليه واتهماه بانه بعيد جدا عن الواقع وقريب للخيال .
ب.التوجه الى الشعب اليهودي من خلال الكتابة
بعد ان ايقن هرتسل بفشله باقناع زعماء اليهود على حل قضية اليهود قرر ان يتوجه مباشرة الى الشعب . في هذه المرحلة من التاريخ , كان الكتاب هو احدى الوسائل الهامة لطرح الافكار وعرضها على الجمهور ولهذا قام هرتسل بتأليف كتابين مهمين يتحدثان عن القضية اليهودية وهما :
ب1: كتاب دولة اليهود
هذا الكتاب كان من اهم الكتب التي الفها هرتسل وفيه دعا لاول مرة باقامة دولة يهودية وذالك بسبب عدم رغبة الشعوب الاوروبية بتقبل اليهود داخلها والاضطهاد والاذلال المتواصل تجاه اليهود في العالم رغم تضحياتهم وولائهم للسلطة التي يعيشون فيها .
من اجل تحقيق هذه الفكرة , دعا هرتسل لاتخاذ وسائل تنظيمية وقانونية تكون كفيلة لضمان هجرة اليهود واستيعابهم في دولتهم الجديدة وهما :
1.جمعية اليهود وهي الجمعية التي ينضم اليها اليهود وتمثلهم امام الدول المختلفة .
2.الشركة اليهودية وهي الشركة التي تهتم بالشؤون القانونية والمالية من اجل استيعاب اليهود ونقلهم الى دولتهم الجديدة .
ب2: كتاب الطنويلاند , البلاد القديمة الجديدة
يبدو ان التحمس الشديد الذي وجده هرتسل عند الكثير من اليهود او التباس بعض الامور وعدم وضوحها بالشكل الكافي في كتابه الاول جعله يؤلف كتابه الثاني البلاد القديمة الجديدة الذي عرف ايضا باسم تل ابيب , أي تل الربيع . من اسم هذا الكتاب , تغلب الصورة المثالية للامور التي يتصورها هرتسل في شكل الدولة اليهودية التي ستقوم . فبعد ان شرح نظريته القائلة بان اليهود هم قومية وليس فقط ديانة , قام باعطاء تصورة لشكل الدولة اليهودية المستقبلية , صورة نظام الحكم التعددي الديمقراطي الليبرالي , العلاقة مع الدين والعلاقة مع العرب وطرق تنظيم الهجرة واستيعاب المهاجرين .
الملفت للنظر بان هذا الكتاب الف كرواية ادبية قصصية ولهذا نجده يقول فيه " انه اذا اردتم (أي اقامة الدولة اليهودية ), فلن تكن هذه خرافة " ويقول في مكان اخر بانه اذا لم تريدوا فستكون هذه خرافة وستبقى خرافة " .
ج.التوجه الى الشعب اليهودي وزعماء العالم من خلال اقامة المؤتمرات
كانسان جماهيري يتمتع بقدرة على كسب ود الجماهير وثقتهم  , راى هرتسل ان عقد المؤتمرات الدولية له اثر بالغ في جذب الجماهير واقناعهم بضرورة تحقيق فكرته . كما انه امن ان عقد هذه المؤتمرات له اثر بالغ في تسليط الضوء على القضية اليهودية .
ج1.مؤتمر بازل
لعل من اهم الاعمال التي نجح فيها هرتسل في حياته وفي نشاطه السياسي في سبيل القضية اليهودية , كان نجاحه في لم شمل ممثلين عن اليهود من كافة انحاء العالم في مؤتمر عام عقد خصيصا من اجل عرض الافكار التي تساعد على حل قضية اليهود من خلال تجميع اليهود في وطن قومي يكون لهم . عقد هذا المؤتمربمدينة بازل في عام   1897 بعد ان لقي معارضة شديدة لعقده في المانيا بسبب معارضة العديد من اليهود لهذا المحفل اليهودي الذي سيزيد الحقد والشكوك نحو اليهود .
ج2.قرارات مؤتمر بازل
عرفت هذه القرارات باسم مشروع بازل والذي هو عبارة عن امل الحركة الصهيونية بالحصول على ملجأ ووطن لليهود في فلسطين تحت حماية القانون الدولي العام ورعاية الدول ذات الصلة (بريطانيا , فرنسا , المانيا , ايطاليا, الدولة العثمانية) .
من اجل تحقيق هذا الهدف , اتخذ المؤتمر الصهيوني بعض القرارات وهي بذل كل المساعي والجهود من اجل تسهيل عملية هجرة اليهود وتوطينهم بفلسطين واشغالهم بالزراعة والصناعات الضرورية للمعيشة . كما عمل المؤتمر على اتخاذ الطرق من اجل زيادة الوعي القومي عند اليهود (من خلال الكتب , الصحافة , الندوات , الجمعيات الثقافية ) .كما انه سعى من اجل الحصول على موافقة الدول العظمى وهو ما يسمى باسم التشارتر او براءة الامتياز . كما اقر اقامة منظمات واتحادات يهودية التي تهدف الى تنظيم اليهود لتسهيل عملية هجرتهم واستيعابهم في فلسطين .
في هذا المؤتمر تم اقرار العلم الصهيوني (الذي سيكون علم دولة اسرائيل بشكله الحالي) وهو بصورة عباءة الصلاة عند اليهود . وتم اقرار النشيد الوطني للحركة الصهيوني هتكفا (نشيد دولة اسرائيل اليوم ).
كما انه تم تأسيس صحيفة صهيونية عالمية تعنى بشؤون القضية اليهودية اطلق عليها اسم " العالم".
ج.4.صورة تمثيل اليهود في المؤتمر الصهيوني
امن القادة الصهاينة منذ البداية ان المبادئ الديمقراطية والمساواة هي الأساسات التي يجب ان يتم فيها تمثيل اليهود . فكل انسان يهودي يبلغ من العمر 18 سنة وحاصل على بطاقة العضوية للمنظمة الصهيونية التي تسمى "الشاقل", يستطيع ان يرشح نفسه لعضوية المؤتمر الصهيوني . كانت كل جماعة تتكون من مائة عضو ان ترسل مندوب الى المؤتمر الصهيوني . تضاعف هذا الرقم الى 200 ومن ثم الى 5000 في ايامنا . وبالرغم من ان المؤتمر اعد لتمثيل اليهود الا انه حرص الصهاينة على اشراك ممثلين دوليين بارزين من غير اليهود لهم علاقة بالقضية اليهودية . كان يعقد المؤتمر كل سنة , اما في ايامنا فانه يعقد كل ثلاث سنوات .
ج.5. مهمة المؤتمر الصهيوني
يعتبر المؤتمر الصهيوني بمثابة المجلس التشريعي للمنظمة الصهيونية . اما اللجنة التنفيذية فهي تعمل بمثابة الحكومة والسلطة التنفيذية التي تعمل على تطبيق قرارات المجلس التشريعي. يقوم المؤتمر بانتخاب اعضاء السلطة التنفيذية او اللجنة التنفيذية ويقرر وسائل عمل الحركة الصهيونية ويقوم باقرار الميزانية المالية للمنظمة .
عمل المؤتمر الصهيوني والمنظمة الصهيونية على تحقيق اهداف قيام دولة يهودية من خلال تشجيع هجرة اليهود الى فلسطين وشراء الاراضي ونقلهم من مناطق سكنهم المختلفة وتسهيل عملية استيعابهم في البلاد .
ج.6 المؤتمر الصهيوني الثاني وتأسيس البنك الصهيوني او البنك الوطني اليهودي
في هذا المؤتمرفي عام 1899 تم تأسيس هذا البنك الذي هدف منذ البداية على توفير المال من اجل الحصول على موافقة الدول الاجنبية لاتمام المشروع الصهيوني(الحصول على التشارتر ) . بالرغم من عدم النجاح الكبير الذي حققه هذا البنك الا انه كان النواة  الاولى لبنك انجلو –فلسطين الذي اندمج ليصبح فيما بعد البنك الوطني لدولة اسرائيل (بنك لئومي).
ج7.تأسيس الكيرن كييمت في المؤتمر الخامس
من اهم الانجازات التي تم تحقيقها في انعقاد هذه المؤتمرات , كان النجاح في تاسيس الكيرن كييمت في المؤتمر الصهيوني لعام 1901 .هدف هذه المؤسسة هو شراء الاراضي(حتى عام 1948 تم شراء مليون دونم) وتطوير الاراضي الجبلية والصحراوية في النقب . كما انه ساهمت هذه المؤسسة في تحريش الاراضي وغرسها بالاشجار وتجفيف المستنقعات وشق الطرق .
د.نشاط هرتسل السياسي مع قادة الدول المعنية بالقضية اليهودية
من اجل انجاح فكرة تحقيق فكرة اقامة الدولة اليهودية , عمل هرتسل على اقناع الدول المعنية بالقضية اليهودية او التي لها صلة بالقضية اليهودية من اجل توفير الملجأ لليهود في فلسطين .الدولة العثمانية كانت من اهم الاطراف التي لها صلة بالقضية اليهودية بسبب حكمها لفلسطين . ظن هرتسل في البداية ان قيصر المانيا ويلهم الثاني ,حليف وصديق الدولة العثمانية,   سيتوسط له عند السلطان العثماني ويمنح له التشارتر وبراءة الامتياز بتوطين اليهود في فلسطين . في البداية تحمس قيصر المانيا للفكرة ,غير انه غير فكرته , على ما يبدو بسبب معارضة وزير خارجيته والسلطان العثماني وقابل هرتسل في فلسطين ببرودة وفتور .
اما مقابلة السلطان العثماني عبد الحميد الثاني , صاحب فكرة الجامعة الاسلامية فانها لم تثمر , حيث عارضها بقوة وسمح لليهود في الاستيطان بجميع انحاء الدولة العثمانية ما عدا فلسطين . هناك من يعزو ذالك الى خوف السلطان العثماني من نشوء تجمع قومي لليهود في فلسطين .وهناك من يرى ان السبب وراء ذلك , كان الخوف بسبب كون معظم اليهود من روسيا التي هي الد اعداء تركيا . كما ان رغبة تركيا في اعادة قوتها وهيبتها امام العالم والمسلمين ورفضها لوجود امتيازات جديدة تثقل كاهلها, كانت اسباب لرفض هذه الفكرة .
ونرى ان هرتسل حاول اقناع روسيا من خلال رئيس حكومتها بلييفة , دون جدوى بالرغم من موافقة بلييفة الاولى . هناك من يقول بانه رفضت روسيا هذه الاقتراحا ت بسبب بعض الضغوط من الاوساط اليمينية المتشددة الروسية والخوف من نشوء منظمة قومية يهودية في روسيا   . كما ان مقابلات هرتسل مع ايطاليا ودولة البابا لم تثمر ولم تحقق الهدف المنشود في الحصول على التشارتر وبراءة الامتياز  .
بالرغم من الفشل الذي حظي به هرتسل لدى قادة هذه الدول الا ان صدى عمله لفت اهتمام دولة بريطانيا العظمى التي باتت تراقب نشاط هرتسل السياسي ومدى تاثيره على يهود العالم . وفي اقرب فرصة اقترحت بريطانيا على هرتسل ان يتم توطين اليهود في العريش وهو ما عرف ياسم مشروع العريش , تلك المنطقة الصحراوية التي تفصل فلسطين عن مصر .في النهاية تم سحب الاقتراح بسبب معارضة الحكومة المصرية لنقل المياه المصرية للعريش ورغبة بعض القادة العسكريين الانجليز بالابقاء على منطقة صحراوية عازلة بين مصر وفلسطين .
في عام 1903 ونتيجة مذابح كيشينيف في روسيا ضد اليهود ورغبة هرتسل في توطين اليهود بشكل مؤقت في أي منطقة كانت , مال هرتسل الى قبول مشروع اوغندة, تلك الدولة الافريقية التي تقع تحت السيطرة البريطانية . رأى هرتسل ان قبول اوغندة كموطن لليهود هو مشروع جيد لليهود في هذه الظروف الحالكة . الا انه نتيجة الضغوط من قبل مندوبين صهاينة اخرين وخوفة من عملية انقسام داخل الحركة الصهيونية , فانه اعتلى المنصة ليخطب قائلا بانه لن ينسى القدس مهما كان وسيظل وفيا لها وبهذا تم حسم الخلاف على قضية اوغندة .
في عام 1904 توفي هرتسل بمرض القلب وهو ابن 44 عاما بعد ان قضى معظم سنوات حياته الاخيرة عاملا جاهدا في تحقيق الاهداف التي رسمها في مؤتمر بازل في عام 1897 والذي قال فيه "انني اسست ببازل الدولة اليهودية" . وعندما قال هرتسل بانه سوف تقام دولة اسرائيل بعد 50 عاما او 51 عاما فانه ضحك الكثير من الناس على هذا القول الذي اصبح حقيقة عقب قرار التقسيم عام 1947 .  
          .ردود فعل اليهود على اعمال هرتسل
في بداية الطريق , عارض اعمال هرتسل واراءه التي نشرها في كتبه العديد من اليهود الجماعات اليهودية . كان من بينهم المندمجون واليبراليون الاشتراكيون الذين امنوا بضرورة اندماج اليهود بالمجتمعات الغربية والمحاربة من اجل الحصول على حقوقهم دون الحاجة الى اقامة دولة خاصة بهم .وعارضت الفكرة بشدة الطوائف اليهودية المتزمتة التي تؤمن بان هذه الدولة ستقام بواسطة المسيح وان هرتسل ما هو الا دجال هذ1العصر . كما لم ترى حركة محبي صهيون ان هذه الفكرة واقعية وقد تكون هدامة للمشروع الاستيطاني الذي اقاموه في البلاد .
مع هذا لاقت اعمال هرتسل صدى قوي عند فئات الشباب والمتعلمين والمثقفين اليهود القوميين الذين بنوا على هذه الافكار امال لتحقيق دولة يهودية قومية لليهود في فلسطين . كما امن بهذه الافكار بعض الشخصيات اليهودية المهمة التي اصبحوا فيما بعد مساعدي هرتسل وحاملي افكاره في العالم. من اهمهم كان ماكس نوردو(1849-1923) الذي كان هنغاري الاصل ومتحرر بالاراء (بالرغم من تدينه السابق) , وعمل كطبيب وصحفي ونشر مقالات كثيرة عن حل قضية اليهود وفق مبادى هرتسل .اما دافيد ولفسون(1855-1914) , فانه كان رجل ثري , عمل في تجارة الاخشاب واصبح صديقا مخلصا لهرتسل ومستشارا للشؤون المالية للحركة.
التيارات الصهيونية السياسية  بعد موت هرتسل
كانت هناك اربعة  تيارات سياسية صهيونية اساسية التي نشطت بعد موت هرتسل وهي :
أ.التيار السياسي الاقليمي او ما يعرف باسم الصهيونية الطريطوريالية (טריטוריה) , أي الصهيونية التي رغبت بالحصول على دولة صهيونية حتى لو كانت هذه الدولة خارج فلسطين .استمر نشاط هذه الحركة تحت زعامة يسرائيل زنغويل وطالبت باوغندة كوطن قومي لليهود ورات انه الافضل ان يطالب اليهود بدولة بعيدا عن فلسطين والقدس.
ب.التيار الصهيوني السياسي المقرب من هرتسل والذي تزعمه دافيد ولفسون والذي اراد السير وفق نهج هرتسل السابق .
ج. التيار السياسي العملي والذي تزعمه اوسيشكين من ناشطي محبي صهيون والذي امن بضرورة العمل الفوري والمباشر لعودة اليهود الى فلسطين والاستيطان فيها من خلال تشجيع الهجرة واحياء القومية اليهودية .
د. على اثر النزاع بين التيار السياسي وبين التيار العملي , قام دافيد ولفسون من التيار السياسي بايجاد تيار سياسي جديد. هذا التيار  سعى الى الدمج بين التيار السياسي العملي وبين التيار السياسي السابق. عرف هذا التيار باسم الصهيونية المركبة .مهمته كانت التنسيق بين التيارات السياسية المختلفة في المنظمة الصهيونية تحت مظلة واحدة وذالك لنيل المطالب القومية لليهود وتحقيق امنية قيام دولة يهودية  .